كان من شباب الخلاعة و اللهو ، عًلِم أنّ المنزل الذي يجاور منزله يشتمل على فتاة حسناء من ذوات الثراء و النعمة و الرفاهية ، فَرَنا إليها النظرة الأولى فتعلقها ، فكررها أخرى، فبلغت منه ، فتراسلا ، ثم تزاورا، ثم افترقا، و قد خُتِمت روايتها بما تختم به كل رواية غرامية يمثلها أبناء آدم و حواء على مسرح هذا الوجود،
عادت الفتاة تحمل بين جانحتيها همًّا يضطرم في فؤادها ، و جنينا يضطرب في أحشائها ، و لقد يكون لها إلى كتمان الأول سبيل، أما الثاني فسِرٌ مذاع ، و حديث مشاع000فلما أسهر الهم ليلها ، و أقضّ مضجعها ، لم ترَ لها بدا من الفرار بنفسها ، فذهبت إلى غرفة مهجورة في إحدى المنازل البالية ، و تدور عجلة الزمان دورتها ، تلك العجلة التي لا حيلة لنا في إيقافها فماذا كان يغفر المجتمع لهذا الذئب ، و يقبل توبته ، و يُعيّن قاضياً 00 و تضع المسكينة طفلتها في تلكم الغرفة المتهالكة 00 باعت جميع ما تملك يدها و ما يحمل بدنها و ما تشتمل عليه غرفتها من حلي و ثياب و أثاث ، حتى إذا أسدل الليل ستاره أسدلت برقعها على وجهها ، و أنشأت تطوف في الشوارع ، لا تبغي مقصدا سوى الفرار بنفسها من همها 00
و في إحدى الليالي سيق إليها رجل ، كان ينقم عليها شأنا من شؤون شهواته و لذاته ، فزعم أنها سرقت كيس دراهمه 00 و رفع أمرها إلى القضاء 00 و جاء يوم الفصل 00 فسيقت إلى المحكمة ، و في يدها فتاتها التي بلغت سن السابعة من عمرها فأخذ القاضي ينظر في القضايا و يحكم فيها
تأملوا جيدا هذا الموقف القادم
أتى دور الفتاة ، فما وقع بصره عليها حتى شدهت عن نفسها ، ذلك أنها عرفته و عرفت أنه ذلك الفتى الذي كان سبب شقائها ، فصرخت صرخة دوى بها المكان دويا و قالت
:
انتبهوا جيدا لكلماتها التي صيغت من مرارة الألم
"
رويدك أيها القاضي ، ليس لك أن تكون حكما في قضيتي ، فكلانا سارق ، و كلانا خائن ، و الخائن لا يقضي على الخائن و اللص لا يصلح أن يكون قاضيا على اللصوص!!"
فعجب القاضي و الحاضرون لهذا المشهد الغريب 00 و همّ أن يدعو الشرطة لإخراجها ، فحسرت قناعها عن وجهها ،، فعرفها 00فاستطردت قائلة:" أنا سارقة المال ، و أنت سارق العِرض ، و العرض أثمن من المال ، فأنت أكبر مني جناية ، و أعظم جرما ، و إن الرجل الذي سرقت منه ماله يستطيع أن يعزي نفسه باسترداده أو تعويضه
أما الفتاة
التي سرقتَ عرضها فلا عزاء لها، لأن العرض الذاهب لا يعود ، لولاك ما سرقت ، و لا وصلت إلى ما وصلت إليه ، فاترك كرسيك لغيرك ، و قف بجانبي ليحاكمنا القضاء العادل على جريمة واحدة ، أنت مديرها و أنا المسخرة فيها رأيتك حين دخلت هذا المكان ، و الحاجب يصرخ لقدومك ، و يستنهض الصفوف للقيام لك ، و رأيت نفسي حين دخلت و العيون تتخطاني
فقلت يا للعجب ، كم تكذب العناوين و كم تخدع الألقاب 00 أتيت بي إلى هنا ، لتحكم عليّ بالسجن كأن لم يكفيك ما أسلفت إليّ من الشقاء .. إن لم تكن عندي وسيلة أمُّتّ بها إليك ، فوسيلتي إليك ابنتك هذه فهي الصلة الباقية بيني و بينك
و هنا رفع الذئب عفوا " القاضي" رأسه و أعلن أن المرأة طاف بها طائف من الجنون ، و أن لابد من إحالتها على الطبيب فصّدق الناس قوله ، ثم قام من مجلسه000
يا الله
أرأيت يا فتاة الإسلام – كيف تنكّر الذئب من فعلته بكل يسر و سهولة ، كل هذا لأنها صدّقت ما وعدها به و انساقت وراء نزوة عابرة و لم تمتثل لقوله تعالى
:
"
يا أيها النبي قل لأزواجك و بناتك و نساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى أن يُعرَفن فلا يُؤذين و كان الله غفورا رحيما"
فليس هناك فتاة بدأت حياتها بحب و غرام استطاعت أن تتمتع بالحب في زواج سعيد شريف جزاء وفاقا و لا يظلم ربك أحدا
إنهم يخطون نحوك خطواتهم الولى ثم يدعونك تكملين الطريق ، فلولا لينك ما اشتد عودهم ، و لولا رضاك ما أقدموا00و لا تصدقي دعوى الحب الشريف فلن يكتفي بالحديث فقط ، بل سيطلب مقابلتك ، فهل يقتنع بهذا
أترك لكم أعزائي الكرام حرية التعقيب و الرد
دمتم في حفظ الرحمن
تحياتي لكم